الشعر القديم
كانت البادية هي البيئة الخصبة للشعر قديماً الذي كان يدور حول موضاعات تهم سكان البادية، فكان مرآة لهذه البادية والحياة فيها، ويكاد يخلو الشعر في تلك الفترة من أي إشارات على الحضر والتحضر، فكثُرت المطولات والمقطوعات التي تتغنى بالبيئة البدوية وتفخر بها، وسنتطرق في هذا المقال لذكر أهم خصائص الشعر العربي القديم، والموضوعات التي كان يدور حولها.
خصائص الشعر العربي القديم
كانت المعاني في القصائد واضحة المعالم وتخلو من المبالغات، بحيث ينسجها الشاعر من العالم المادي الذي يحيط به، وعاداته وتقاليده، ومن الأمثلة على ذلك قول عمرو بن كلثوم تعبيراً عن النخوة والشهامة التي كان يتمتع بها الإنسان العربي قديماً حتى وهو طفل إذ يقول:
إذا بلغ الفطام لنا صبي
تخرّ له الجبابر ساجدينا
يكثر في الشعر العربي القديم التقليد والمحاكاة.
يتصف الشعر القديم باليسر والسهولة، والبعد عن التعقيد الحضاري، حيث إنَّ الشاعر العربي القديم ابتعد عن التكلف والفلسفة في شعره، فكان ينطق بما يسري على لسانه من شعر وفقاً لسجيته وطبيعته.
تتصف القصيدة العربية القديمة بالإطالة الكبيرة؛ حيث وصلت بعض القصائد لألف بيت، وذلك لأنّ الشاعر العربي القديم لم يقتصر في قصيدته على موضوع واحد، بل نوَّعَ في موضوعات القصيدة الواحدة، فقد يبدأ بالغزل ثمّ يصف رحلته وفرسه، ثمّ يبدأ بالموضوع الأساسي لقصيدته، فقد يكون وصفاً أو مدحاً أو غير ذلك من ألوان الشعر، ثمّ يختم قصيدته بمجموعة من أبيات الحكمة.
عُرفت القصيدة العربية القديمة بالبلاغة والمعنى الجامع، حيث إنّ بيت الشعر الواحد يحتوي على كثير من المعاني القيمة.
يُعدّ الاستطراد من أكثر خصائص القصيدة العربية القديمة بروزاً، بحيث ينتقل الشاعر من موضوع لآخر دون مسوغ منطقي لذلك، وإن كان هذا سلبياً ألا أنّه ينُم عن عقولهم المتفتحة وثقافتهم الواسعة على الرغم من عدم انتشار التعليم كما هو الآن في عصرنا الحالي.
تتسم لغة القصيدة العربية القديمة بالقوة والجزالة، فكان الشاعر يختار ألفاظه وتراكيبه بانتقاء، وجميعها ألفاظ معجمية بحتة خالية من الألفاظ العامية المُبتذلة.
كان الشاعر العربي القديم يستمر في تفحُص قصيدته وتنقيحها حولاً كاملاً أي سنة، وهذا دليل على أنَّ قصائدهم كانت بألفاظ ومعاني غير سطحية وقوية.
تحفل القصيدة العربية القديمة بكثير من الصور البيانية، فكان الشاعر ينطلق بالطبيعة يصفها ويربط أمور حياته بها، ومن ذلك قول الشاعر في تشبيه المرأة:
ووجهٍ كأنّ الشمس ألقت رداءها
عليه نقي اللون لم يتخددِ
اقتصرت القصيدة العربية القديمة على الموضوعات الرئيسة التي عرفها الشعر منذ نشأته وهي: الغزل، والرثاء، والمدح، والوصف، والمدح، ولم يحصل أي تطور على الموضوعات إلا بشكل طفيف في مجال الوصف، فتطرقوا لوصف البادية والجمال والفرس، ووصفوا رحلاتهم إلى بعض المدن.
إرسال تعليق